هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 

 الشجرة رقم 13 / الجزء الثالث

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
إبراهيم كامل

إبراهيم كامل


ذكر
عدد الرسائل : 43
العمر : 72
الموقع : القاهرة
العمل/الترفيه : محرر / مترجم في قطاع الأخبار المصري / كاتب قصة قصيرة و باحث في الفلكلور و الآثار عضو جمعية الأدباء المصرية
تاريخ التسجيل : 25/03/2009

الشجرة رقم 13 / الجزء الثالث Empty
مُساهمةموضوع: الشجرة رقم 13 / الجزء الثالث   الشجرة رقم 13 / الجزء الثالث I_icon_minitimeالأربعاء 25 مارس 2009, 5:05 am

[right]
المسمع الخامس

"قاعة الجلوس.. بالقرب من أحد أبوابها، وهو يؤدي إلي داخل القصر وخارجه جلست فتاة تعزف لحناً منفرداً على الكمان لحناً شجياً هادئاً يصاحب الحوار الدائر مشكلاً خلفية هادئة له".

الكونتيسة : (بصوت يشى برضاها واسترخائها واستمتاعها بما حولها) يوم شتاء دافىء يبشر بالمسرة والفرح.. هذه الشمس الذهبية بدفئها الحاني.. ماذا كنا نفعل من غيرها (ثم بتنهيدة لفضح طرب روحها كمن وضع حملاً ثقيلاً عن كتفه) لك الشكر ياربي .. ومنحتنا أيضاً القمر الفضى الذى يتسلل شعاعه الرقيق إلى نفوسنا فينير ظلماتها الموحشة (ثم بلهجة شاعرية) القمر نديم المحبين.. ينبوع فوار للشاعرية.. وملهم الشعراء.. وكل محب للكلمة والصورة.

العالم : (يقاطعها بأدب من يود أن يشارك في الحديث ويتكلم هو الآخر) لهذا ياسيدتى الكونتيسة عبدهما القدماء.. وما من شعب إلا قدسهما .. وإن اختلف اسمهما بلغة كل بلد.. إلا أنهما يظل الشمس والقمر لا يبخلان بالنور والدفء والحنان لنا ولقلوبنا الهشة الرقيقة... التى تحتاج دائماً ليد حنون تهدهدها.

أرمان : (بلهجة طفل يعابث أقرانه) ترى أيهما أهم الشمس أم القمر؟ (يجيب وهو يضحك بابتهاج حقيقي) لا داعى للحيرة .. فأنا العارف الخبير بهما.. القمر (سكتة) لماذا؟ لأنه يطلع في الليل والدنيا ظلام..هاها
(تتعالى الضحكات متناعمة مع صوت الكمان، وفجأة يسمع صفق باب الدهليز المؤدي إلى قاعة الجلوس وصوت خطوات ثقيلة غاضبة وصوت القسيس يقترب وزعيقه يتعالى بتصاعد).

القسيس : (بلهجة خطابية كأنه يعظ جمعاً) هذه فوضى.. هذا عبث .. ياله من كفر صريح وتجديف صارخ (يعلو صوته أكثر) لقد أصبح القصر وحدائقه ملاعب للشياطين (بتحسر مبالغ فيه) ويلى أكاد أرى رؤوس الأبالسة تطل من وراء كل شجرة لتنقض على أرواحنا لتدنسها.. ومن ذلك اللعين الذى تحالف مع الشيطان ليفعل ما فعل من إثم وخطيئة...؟

الفيكونت : (بانزعاج ولهجة شبه آمرة) أهدأ ياقداسة الأب.. تمالك نفسك وتفضل بالجلوس وقل لنا بهدوء ماذا حدث وما الذى فجر بركان غضبك إلى هذا الحد.

القسيس : (وهو يلهث من الغضب) ماذا جرى؟ يالهول ما جرى (بلهجة موحية فيها غمز) لقد اندست بيننا ياسيدي الفيكونت أفاعى من أتباع عدو الله اللعين الكذاب تزحف في هدوء وتنفث سمها الزعاف و...

الفيكونت : (يقاطعه بحدة) قل لي ماذا جرى ياصاحب القداسة فقد أوشك صبرى أن ينفذ وتعبث بي الحيرة وتقلقنى الظنون (ينفخ) ومازلت لا أعرف عما تتكلم.

القسيس : (بلهجة فيها خنوع) أرجو أن تسامحنى سيدتى الكونتيسة فيما سأقول (بتردد ولكن بلهجة من يستمتع بما يقول) لقد رأيت رسماً عارياً فاضحاً لرجل في حالة نشوة عربيدة محفوراً بمدية في جذع شجرة "الدِلْب" العتيقة (ثم وهو يكاد يولول) والأدهى والأمر ياسيدتي أن حفيدتك (ثم بلهجة متملقة) تلك المخلوقة الرقيقة البريئة والصبية العفيفة سليلة بيت الطهر والمجد كانت تقرأ مسنِدة ظهرها إلى جذع الشجرة..

(أصوات مختلطة مستنكرة) أوه لا .. هل حدث هذا .. ياله من أمر شنيع .. من يفعل هذا الأمر الفظيع .. هذا هو الجنون بعينه)

الفيكونت : (بغضب شديد) لا أصدق أحدث هذا في حديقتنا (يزداد غضبه) من الذي واتته الجرأة واستخف بمقامنا العالى.. الويل كل الويل لمن فعل ذلك .. أنا بنفسى الذى سأنزل به العقاب جزاءً لما فعل...

القسيس : (بفرحة من واتته فرصة أنتظرها طويلاً) أستأذنك ياسيدتى الكونتيسة وياسيدى الفيكونت أن تتركا هذا الأمر لي فأنا بخ خبير (بثقة) ولابد أن أكشف من فعل ذلك (ثم بلهجة غمز) ذلك المستهتر بالدين والعرف والأخلاق.. الماشى على درب الشيطان.

(موسيقى)
المسمع السادس

"قاعة الجلوس .. وقد بدأ القسيس التحقيق.. صوت جرس يقرعه القسيس ليستدعى رئيس الخدم"

القسيس : (بصوت يعلو على صوت الجرس) أين رئيس الخدم؟ .. ياجاك.. أين ذلك
الغبى الكسول..
"صوت خطوات مسرعة"

رئيس الخدم : (بارتباك) أمرك ياقداسة الأب.. اغفر لي تأخرى.. فقد كنت أقوم بخدمة بعض ضيوفنا الكرام و ...

القسيس : (بغطرسة) كفى .. لا أريد أعذاراً .. هيا أسرع وأحضر لي ذلك الغبي الآخر البستاني الغافل .. فلابد أن عنده ما قد يساعد في التحقيق وكشف الحقيقة.

رئيس الخدم : (بخضوع) أمر مولاي سآتى به في الحال.
"صوت خطوات رئيس الخدم خارجاً"

القسيس : (مخاطباً أرمان وصديقيه) أظن أن السيد أرمان وصديقيه يوافقون على أن ذلك المجرم الأثيم لابد أن يعاقب جزاءً لما فعل.

أرمان وصديقاه : (بتأكيد) طبعاً .. طبعاً لابد من عقابه فما فعله لا يغتفر وقد أساء إلينا جميعاً.. الطبيب (بصدق) وأساء إلى الطبيعة أيضاً.

الطبيب : (بأدب وتردد) أنت محق ياسيدي الأب (بتردد أكثر) لكن أخشى أن يكون الأمر مجرد عبث طفل أو أحد المتسللين من المتشردين أو الغجر..

القسيس : (بحدة وصرامة) كائناً من كان لابد أن يعاقب (يعلو صوته) لابد من وأد الفتنة في مهدها وقطع رأس الأفعى للقضاء عليها.
"صوت خطوات ثقيلة تقترب"

البستاني : نعم ياسيدي الأب المقدس (بلهجة تنم عن أصله الريفى) عبدك دائماً في خدمة قداستك (يتذلل) وكل ما أتمناه رضاك عنى والتمتع دائماً ببركتك..

القسيس : (بتأفف) كفاك ثرثرة أيها الغبي الغافل .. وقل ماذا تعرف عن الرسم الآثم الدنس المحفور على شجرة الدِلْب العتيقة؟

البستاني : (بثقة وتفاخر بمعلوماته) لا ياسيدي إنها ليست شجرة "دِلْب" إنها شجرة دِرْدَار وهي الشجرة رقم 13 في الحديقة، ويزيد عمرها على المائة عام لقد كنت أجلس تحتها وأنا في العاشرة من عمرى أراقب أبي رحمه الله وهو يعمل...

القسيس : (بغيظ) صف للسادة ذلك الرسم الشيطاني وأوجز...

البستاني : (بحيرة وإرتباك) إنه .. إنه رسم لرجل بدائي .. فطرى ذى لحية.. أما الباقي فاعذرني ياسيدي لا أستطيع خاصة في حضرة مولاتي الكونتيسة (باستمتاع) ولكنه عمل فنى جميل...

أرمان : (بسخرية) إن لك رأياً في الفن (ثم بجدية) ولما لا؟ وأنت تعيش في لوحة فنية حية تضع عليها بعض لمساتك...

الفيكونت : (بغلظة) ليس هذا وقت الهذر ياأرمان.. تفضل ياسيدي الأب.. استكمل ما بدأت.. فأنا متلهف على معرفة ذلك المجرم الأثيم (يزفر) آه لو يعلم ما سأصنع به.

القسيس : (بلهجة محقق محنك) هل لديك فكرة أيها البستاني الغبى عمن قد يكون فعل ذلك وكم استغرق من الوقت ليحفر الرسم ومتى حدث ذلك؟

البستاني : (بتفكر وتأنى) وهل يفعل ذلك إلا إنسان آثم بلا عقيدة.. صحيح هناك بعض الغجر يخيمون في الجوار ولكنى واثق أن أحداً منهم لا يجرؤ على فعل ذلك.. ولابد أن من فعل ذلك فعله عند طلوع الفجر فقد توقف المطر قبل الفجر بساعة واستغرق الأمر ساعة.. هناك شك يراودني .. (يحرج) ولكن .. ولكن..

القسيس : (بفرح من أوقع بفريسة) اقترب منى أيها الغبى واهمس لي بما لديك من شكوك

البستاني : (يهمس للقسيس) أظن ياسيدي إنه واحد من صديقى السيد أرمان .. فالضيوف الآخرون جاءوا إلي القصر عشرات المرات ولم يحدث منهم مثل هذا أبداً (ثم بلهجة من يرضى ضميره) أما السيد أرمان.. والحق يقال.. منذ صغره لم يسبق أن فعل سوءاً بالحديقة أو أتلف شجرة.. أما صديقاه فلست مرتاحاً لهما فهما من أهل المدينة ويبدوان بلا عقيدة و ....

القسيس : (بارتياح وكشف) هم هم .. نعم هذا ما ذهب إليه ظنى من اللحظة الأولى.

الكونتيسة : (بإعياء واستجداء) كفى .. كفى .. الصداع يعربد في رأسى .. اصرفوا البستانى سأخرج إلى الهواء الطلق لأتنفس .. أكاد أختنق هنا.. أريد أن املأ صدري بالهواء النقى المحمل بشذا الورود فربما ذهب الصداع اللعين وحلت السكينة بنفسى المعذبة.

أرمان : (بقلق واهتمام) سأرافقك ياعمتى الحبيبة .. لا بأس عليك وسرعان ما تعودين الوردة اليانعة التي تعودنا عليها.

(موسيقى)
المسمع السابع

(قاعة الجلوس حيث يجلس الفيكونت والقسيس والعالم والطبيب)

القسيس : (بغمز وتهكم موجه للطبيب والعالم) هذا ما عاد علينا من القرن التاسع عشر ونظرياته الجديدة وارائه الحديثة (بشماتة) لكن كيف نتوقع خيراً ممن لا يوقرون الدين ولا يأبهون للأخلاق ولا يقيمون وزناً للعرف و ...

العالم : (باستغراب) ماذا تقصد بهذا الكلام ياسيدى الأب؟ وما علاقة القرن التاسع عشر ومعارفه الحديثة ونظرياته الجديدة بما حدث؟

القسيس : (بمزيد من التهكم) أسأل نفسك فأنت الخبير بالأديان الوثنية والشعائر البدائية والممارسات اللاأخلاقية للوحوش الحبيسة في اللاشعور أو الباطن كما يقول صديقك الطبيب النفسى هو الآخر.

الطبيب : (بغضب) اسمح لي أيها الأب .. هذا كلام غريب فيه غمز ولمز لا أقبله وتلميحات خبيثة لا داعي لها.. ودعنى أذكرك أن القرون السابقة على القرن التاسع عشر حين كان رجال الدين يجمعون بين علوم الدين والدنيا شهدت الكثير من الأخطاء والتجاوزات .. وما ذكرى محاكم التفتيش ببعيدة.

الفيكونت : (بضيق) أيها السادة .. أيها السادة دعونا من التراشق بالألفاظ وتبادل الإهانات.. (ثم بنفاذ صبر) وأنت ياسيدي الأب إن كان لديك إتهام محدد فلتقله لتنهى هذا الموقف الفظيع.. أف لقد تعكر صفوى.

القسيس : (باندفاع) بصراحة ياسيدي الفيكونت لقد توصلت إلى قناعة بأن أحد هذين الرجلين حفر ذلك الرسم المشين أو ربما اشتركا فيه معاً...

العالم والطبيب : (بثورة وغضب) هذا جنون مطبق .. هذا سخف لا يحتمل .. كيف تسمح لنفسك بأن تلقى التهم جزافاً وتلوث الأبرياء..
"صوت خطوات الكونتيسة وأرمان يدخلان القاعة"

أرمان : (بأسف حقيقى) ما الذى أسمع أيها السادة .. أكاد لا أصدق .. ربما كنت أحلم .. ولكن الصراخ الزاعق اخترق أذاننا من بداية الدهليز.

الكونتيسة : (بذلة وإنكسار) أيها السادة أنا الذى استحق اللوم كله (بعد سكتة وهي تنهنه) أنا الآثمة التي حفرت ذلك الرسم الفاجر (يعلو تشيجها) رباه ماذا دهاني ففعلت ما فعلت؟

الجميع : (بدهشة) أوه.. لا .. غير معقول .. أحقاً ما تقولين.. عجب عجب.

الفيكونت : (بلوعة) أماه ماذا تقولين؟ أواعية أنت لما تقولين؟ إنك تنسبين إلى نفسك والعائلة كلها عملاً مشيناً مخجلاً. (بحرقة) : آه "إنها مصيبة حلت بنا فجأة" .. آه

القسيس : (بلهجة المنتصر) أرأيت ياسيدي الفيكونت.. هذا نتيجة حتمية للأفكار المسمومة التى ظلا هذان الرجلان ينفثانها .. وقد سبق أن حذرتك ياسيدي منهما منذ البداية.. لم أرتح لهما منذ وقع بصرى عليهما وصح ما توقعته.
"صوت الكونتيسة وهى لا تزال تنشج بالبكاء"

الكونتيسة : (بخزى) لا ذنب للرجلين.. لقد فعلت ذلك بمحض إرادتي أنا (وهى تبكي) وحفرت ذلك الرسم بيدى المذنبة هذه .. أو ربما كانت تدفعنى قوة لا تقاوم لم أعد أدرى شيئاً.

الفيكونت : ياأرمان أنت وصديقاك ضيوف غير مرغوب فيهم.. (بجفاء) ارحلوا عنا لقد أفسدتم متعتنا وجلبتم لنا الشقاء والخزى في عقر دارنا. سحقاً لكم جميعاً.

أرمان : (بتأثر) سنرحل بأسرع ما يمكن.. ولكن أقول لك إن ما حدث كان سيحدث إن آجلاً أم عاجلاً وبنا أو بدوننا فقد ظلت عمتى المسكينة تحت وطأة الكبت هى وبنات جنسها لسنين عدة.. ولا تنس أبداً أننا بشر ضعاف ولابد أن نرحم ضعف الآخرين.

الفيكونت : (بغلظة) هيا اغربوا عن وجوهنا.. وكفانا ما جرى منكم.. لا نريد مزيداً من هرائكم.

أرمان : (بحب ومواساة) وداعاً ياعمتى الحبيبة ولا تحزنى ولا تخجلى فما من إنسان كامل ومن الحماقة ألا نعترف بضعفنا .. ومن الغباء ألا نرحم ضعف غيرنا.
(موسيقى حزينة للختام)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://himaparadise.jeeran.com
 
الشجرة رقم 13 / الجزء الثالث
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: منتدى المسرحيات المكتوبة والمسموعة-
انتقل الى: